ذكريات من الماضي
يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ
بِدَايَةُ الْحِكَايَةِ
مِنْ فَاسَ إِلَى مَارْسِيلْيَا
لِمُلَاقَاتَ حَبِيبَتِي
وَيَجُوزُ أَنْ أَكُونَ
قَدْ سَكِرْتُ بِخَمْرَةٍ
بَعْدَ أَنْ شَرِبْتُ كَأْسًا
بِمَدِينَةِ كَانْ
وَفِي جِنْوَةَ
تَنَاوَلَتُ بِيتْزَا بِالْجُبْنِ
وَقُمْتُ بِتَشْخِيصِ الشَّمْسِ
فَوْقَ الْبَحْرِ
كُنّا عَاشِقَانِ
لاَ نَفْتَرِقُ
وَلا تَفْتَرِقُ الشِّفَاهَ
وَكَانَ حَدِيثِي
مَرْحَلَةٌ جَدِيدَةٌ
تَسْمَعُهُ الْأَذَانُ
بِنَبَرَاتِ الْفَنِّ
وَخِطَابَاتٌ تَرْقُصُ هُيَامًاً
تَلْمِسُ جِرَاحَ
كُلُّ عَاشِقٍ
كَانَتْ كَلِمَاتٌ
فِي طَرِيقِ الْجُنُونِ
تَطُوفُ بِلَادَ الْقَصِيدَةِ
وَرُبَّمَا جُرْأَةً
أَقَاوِمُ بِهَا الْمَطَرُ
فِي لَيَالِي الْحَنِينِ .
كَانَ حَدِيثِي
مَرْكَّبٌ يُصَارِعُ الْمَوْجَ بِدَاخِلِي
وَكَانَ ثَمَنُ الْوَفَاءِ
أَنْ أُسَافِرَ إِلَيهاَ
وَلَمْ أَهْتَمَّ إِلَى ضَجِيجِ مُكَبِّرَاتِ الصَّوْتِ
وَحَرَكَةُ الْمُسَافِرِينَ
أَوْ صَوْتُ الطَّائِرَاتِ حِينَهَا
كُلُّ مَا هُنَالِكَ أَنِّي
كُنْتُ أَنْتَظِرُ
بِأَنْ تَرَانِي
وَتُعَانِقُنِي بِلَهْفَةِ الشَّوْقِ
بَعْدَ أَنْ رَاهَنْتُ بِحَصَانِي
وَسَلَّمَتُ فُؤَادِي
مِثْلَ الْعُصْفُورِ
لَا يُفَكِّرُ إِلَّا فِي وَطَنٍ جَمِيلٍ
أَوْ مِثْلَ طِفْلٍ
يَهْوَى النَّوْمَ دَافِئٌ
وَيُلْغِي جَمِيعَ الْمَنَاهِجِ
كَانَتْ لَحَظَاتٌ
أُمَارِسُ فِيهَا الْحُبَّ
بَيْنَ النَّهْدَيْنِ
وَأَشْرَبُ الْخَمْرَ مِنَ الشَّفَتَيْنِ
وَكَانَتْ الْأُمْسِيَّاتُ
عَلَى الشَّاطِئِ أَعْظَمُ
حِينَ أُكَسِّرُ اللَّحَظَات
وَأَلْمِسُ يَدَهَا
كَأَنَّنِي فِي جَنَّةِ العَوَاطِفِ
أَنْشُدُ أَبْيَاتٍ
مِنْ قَصِيدَةِ الحَيَاةِ
مَعَ مَوْجِ الْبَحْرِ
وَأَنَا سَعِيدٌ بِقْدُومِي
لِمُلَاقَاتِ تِلْكَ الْحَسْنَاءُ
كُنْتُ سَعِيدًا
حِينَ أَغَازِلُهَا
وَلَاَ أَعْرِفُ بِأَنِّي سَأَشْنُقُ ذَاتَ لَيْلٍ
أَوْ أُفَكِّرُ بِأَنِّي
سَوْفَ أَعُودُ
مِنْ لَحَظَاتِ الْحُبِّ
إِلَى لَحَظَاتِ الشَّوْقِ
وَ جَمِعَتُ الْعِدَّةَ
وَ قَرَّرَتُ الْعَوْدَةَ
إِلَى أَوَّلِ نُقْطَةٍ
إِلَى الْمَنْفَى
وَإِلَى الْجُلُوسِ وَحِيدًا
فِي دَهَالِيزِ الظَّلَامِ
وَتَوَقَّفَ الزَّمَانُ
كَمَا تَوَقَّفَ الْخَفَقَانِ
وَإِنْقَلِبَتْ أَحَادِيثِي
وَصِرْتُ وَحِيدًا
عَادَتْ أَشْعَارِي قَصِيرَةٌ
وَفِي يَدِي كَأْسٌ لَا يُفَارِقُنِي
أَحْكِي تَحْتَ ظَلَامِ اللَّيْلِ
لِلِنَاسِ حِكَايَتِي
وَأَكْتُبُ بِنَارِ الشَّوْقِ أَلَمِي
وَبِرَغْمِ أَنِّي حَاوَلْتُ أَنْ أُلَمْلِمَ
شِتَاتَ أَشْوَاقِي
فَلَ رُبَّمَا حَبِيبَتِي
تَزُورَنِي مَعَ قَمَرِ
هَذِهِ اللَّيْلَةَ
وَأَعُودُ أُغَنِي كَلَامَ الْعِشْقِ
بِأَلْوَانِ الزَّهْرِ
فِي كُلِّ المَوَاسِمِ
بِحَقِّ الذِّكْرَى
وَبِحَقِ حُبُّكِ هُوَ البَاقِي .
عزالدين بالعتيق
تعليقات